البعد المجالي للثورة التونسية
التنمية الجهوية والمحلية والتهيئة الترابية
عمر بالهادي جامعة تونس
نص مداخلات وقعت في عدة منتديات وتظاهرات مع تغيير في الإشكالية والطرح والمحتوى حسب الظرف والإطار والحيز الزمني المبرمج لذلك :
° مبادرة المواطنة : دار الشباب المنزه السادس – الأحد 24 افريل 2011
° ماهية الثورة التونسية : ندوة مجلة أطروحات – دار الثقافة إبن خلدون – 6 ماي 2011
° مقر حركة التجديد – الاثنين 9 ماي 2011
° مقر حركة الديمقراطيين الاشتراكيين : التنمية الجهوية والمحلية والثورة التونسية. الجمعة 13 ماي 2011
° منتدى الاقتصاديين العرب : التحديات الاجتماعية والاقتصادية للثورة التونسية. Les défis socio-économiques de la révolution tunisienne نزل الدبلوماسي 18 جوان 2011
° الانتقال الديمقراطي والترابية 22-23 جويلية 2011 Transition démocratique et territorialité
لا بد من التأكيد في البداية على أهمية البعد المجالي والترابي للثورة التونسية من حيث الدواعي والأسباب أولا والمسار ثانيا والتبعات والرهانات ثالثا:
1- من الاختلال المجالي شمال جنوب إلى اختلال جديد وليد دولة الاستقلال بين السواحل والدواخل.
- في الخمسينات : اختلال التوازن بين الشمال والوسط والجنوب نتيجة المعطيات الطبيعية (المناخ والتربة) والتاريخ (العمران والتحضر والاستعمار),
- في الثمانينات : أصبح الاختلال بين السواحل والدواخل نتيجة السياسات المتبعة :
° الستينات : تركز أهم المشاريع بحكم التأميم أولا وبعث الأقطاب الصناعية ثانيا وتركيز المناطق الصناعية ثالثا خلال الستينات.
° السبعينات : سياسة الانفتاح والاقتصاد المتخارج وتشجيع الاستثمار الأجنبي (قانون افريل 1972).
° الثمانينات : تراجع الدولة والعولمة واعتماد برنامج التعديل الهيكلي (1986) واتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي (1996)…
2 – انحسار المجال الاقتصادي في مثلث توجد قممه بين بنزرت – المهدية – قليبية الذي أصبح يضم أهم المشاريع منذ التسعينات نتيجة التنقية الوظيفية للعاصمة لفائدة الشمال الشرقي ومنطقة الساحل : العاصمة – النفيظة…
ولئن تمثل جل السواحل في العالم مناطق استقطاب فإن المناطق الساحلية في تونس تمثل أهم مجال اقتصادي مستقطب بنسب مرتفعة جدا :
نسبة النمو الديمغرافي تفوق المعدل الوطني دون انقطاع مما يفسر تدعيم مكانته : 64.7 % من السكان سنة 1956 و%68.4 سنة 2004 (63,9% سنة 1984). ففي سنة 2009 نجد 94.1 % من المؤسسات المنشأة في الشريط الساحلي. كما أن الاستثمار المباشر الأجنبي ((IDE يتركز بالشريط الساحلي بنسبة % 70 (العاصمة %29 – الوطن القبلي%15,4 – الساحل %25).
السكان
|
الحضر
|
المناطق السقوية
|
الانتاج الفلاحي
|
التصدير الفلاحي
|
الشغل الصناعي
|
الشغل السياحي
|
القيمة المضافة
|
الهواتف الجوالة
|
السيارات
|
حواسيب نوادي الأنترنات
|
67
|
75
|
51
|
63
|
60
|
94
|
95
|
75.3
|
80,6
|
67
|
86.4
|
فالشمال والوسط الشرقيين يمثلان 68 % من السكان (ش ش: 37% – و ش : 22% ) و 85% من الناتج الداخلي الخام (ش ش: 50% – وش: 25,6%) مع أن ولاية صفاقس تمثل تقريبا 9ٍ%.
بالإضافة إلى الاختلال الكمي نجد هناك فوارق نوعية وهيكلية تتمثل في نوعية الخدمات، في علاقات الإنتاج و الروابط الاجتماعية ونوعية الصناعات والذهنيات والسلوكيات والتركيبة الاجتماعية…
تجدر الإشارة إلى أنه منذ نهاية الثمانينات أصبح الوسط الغربي يحتل المرتبة الأولى في الهجرة من حيث الحصيلة الهجرية ونسبة الإرسال تصل إلى4% بموازاة مع تراجع مستوى الإنفاق الفردي عوض الشمال الغربي الذي كان يحتل المرتبة الأولى منذ الاستقلال. وليس من باب الصدفة أن اندلعت شرارة الثورة من الوسط الغربي لكن الوضع كان متأزما في جل أرجاء المناطق الداخلية بشكل يجعل من كل منطقة نقطة احتقان تترقب الظرف المناسب؟
|
1975
|
1990
|
2005
|
الشمال الغربي
|
229
|
501
|
1416
|
الوسط الغربي
|
242
|
509
|
1138
|
المعدل الوطني
|
475
|
1007
|
2390
|
3 – في هذا الشريط تمثل العاصمة نقطة تركز هامة رغم المجهودات التي بذلت في اتجاه اللا تركز.
تمثل العاصمة 16% من السكان سنة 1956 – %20.8 سنة 1984 و%23 سنة 2004. فهي تمثل حاليا ثلث السكان الحضر وتمثل أهم قطب استقطاب هجري منذ الاستقلال دون انقطاع حيث نجد أن نسبة الوفود تصل إلى %4.
السكان
|
الحضر
|
الطلبة
|
مخابر البحث
|
الشغل الصناعي
|
حواسيب الأنترنات
|
بعث المؤسسات 2009
|
الاستثمار الاجنبي المباشر
|
الهواتف الجوالة
|
23
|
32.6
|
43
|
52
|
35.5
|
47.5
|
56
|
29
|
34
|
4- التفاوت بين المدينة والريف : لئن أفضت مختلف السياسات إلى تراجع الفوارق بين الوسطين نتيجة انتشار التجهيزات الأساسية (الإنارة – الماء – الطرقات) وبعث المرافق الاجتماعية (التعليم – الصحة…) فإن الفوارق لا تزال مرتفعة في العديد من الميادين وخاصة بالنسبة إلى المرافق العصرية والفردية والمكلفة مثل الصرف أو مستوى الإنفاق أو التقنيات العصرية.
فحجم الإنفاق الحضري تدرج من % 62.2 إلى % 77.6 بين 1975 و2005 علما وأن نسبة التحضر تطورت من 52.5% إلى 64.9% خلال نفس الفترة وبذلك يكون الفارق قد ارتفع بين الوسطين.
فالارياف لاتزال تمثل %35 من السكان لكن وزنها الاقتصادي لا يتجاوز 15% : 16% من التشغيل، 15% من الاستثمار، 12% من الناتج الداخلي الخام، 10% من التصدير.
المقاربة
تتمثل المقاربة المتبعة في الأولوية المطلقة للبعد الاقتصادي والبعد الوطني مع تهميش البعد السياسي واستعمال البعد الاجتماعي للتعديل.
° أولوية البعد السياسي : تمثلت في إنشاء الدولة الحديثة وتدعيم السلطة المركزية مما تطلب تغييب المستوى المحلي والجهوي والقطع مع السلطة التقليدية الترابية والقبلية والمحلية.
° أهمية الجانب الاقتصادي : بناء الاقتصاد الوطني وأولية النمو مما أفضى إلى تركز الاستثمار (العمومي والخاص) في المناطق والمدن المؤهلة لذلك : 60 % من الاستثمار العمومي و80 % من الاستثمار الخاص تتركز ب السواحل. خلافا لما يتبادر للذهن فإن التركز الساحلي كان أكبر خلال الستينات (84%) عوض 60% خلال السبعينات والثمانينات.
° التعديل تمثل في الجانب الاجتماعي الذي طبع كل البرامج التنموية التي اكتست شكل النثر والتقسيم المجالي للموارد تبعا لمقاييس : التنمية الريفية – التنمية الريفية المندمجة – التنمية الحضرية المندمجة – صندوق 26-26…
° مقاربة تقنية :
- فشل اللامركزية وفك التركز منذ بداية السبعينات (1977 – 1981 – 1987 – 1993).
- الطابع القطاعي وعدم الاندماج.
- ضحالة المبالغ المخصصة للبرامج الجهوية للتنمية (PRD): % 11 من الاستثمار العمومي و 5.2 % من الاستثمار الاجمالي.
- البرامج جلها وليدة أزمات : 1961-1964، 1969-1973، 1978-1984، 2008-2011-
النتيجة : التهميش والإقصاء في شكل ثنائية مجالية – سياسية
- الدواخل والأرياف والمناطق الفقيرة : تهميش اجتماعي واقتصادي أساسا مما جعل المطالب الأساسية تتلخص في التشغيل – التنمية – الكرامة.
- السواحل والمدن والمناطق المحظوظة : تهميش سياسي قبل كل شيء وبالتالي فإن المطالب كانت تتمثل في الديمقراطية – التعددية – التناصف – المطلبية المهنية…
هذه الثنائية نجدها في القوافل : قافلة الكرامة من سيدس بوزيد إلى العاصمة تلتها قافلة التضامن والاعتراف في الاتجاه المعاكس من العاصمة أساسا. نجدها كذلك في الحوار القائم في الصحف والأحزاب والهيئة العليا الذي أعطى الأولوية إلى حد الآن إلى الجانب السياسي.
التنمية الترابية : مقوماتها وأسسها
1 – التنمية الترابية (المحلية – الجهوية – الوطنية) تتمثل في أن يأخذ السكان حاضرهم ومستقبلهم على عاتقهم ويديرون شؤؤنهم بأنفسهم بشكل يمكن من تركيم الثروات (النمو المادي في شكل مداخيل وأجور) وتحسين ظروف العيش (المرافق – التجهيزات) وتحول نوعي وهيكلي للمجتمع والذهنية والسلوكية تتمثل في التقدم مما يضمن الاستدامة ويستوجب الاستقلالية من جهة أخرى.
هذا المفهوم يحتم وجود مؤسسات منتخبة وممثلة للجماعات الترابية المحلية أو الجهوية ويتطلب تمكينها من الوسائل القانونية والمالية لتحقيق الأهداف التي تحددها المجموعة. فالتنمية تتطلب الاعتماد على الذات مما يمكن الجماعة من الاستقلالية (وهنا نجد مفهوم الكرامة) وهي تستوجب مستلزمات : السلطة الترابية والتمويل.
2 – المستويات
نجد على الأقل ثلاث مستويات للديمقراطية تبدأ بالمستوى المحلي ثم الجهوي وصولا بالوطني. فجل الأنظمة الديمقراطية ترتكز على 3 أو 4 مستويات للجماعات الترابية تتمثل في البلدية، المعتمدية، الولاية والإقليم. هذا المستوى الترابي والسياسي غير موجود بتونس ويتوجب خلقه.
3 – الأهداف
تتمثل أهداف التنمية الترابية في التوازن الترابي والإنصاف والتضامن والديمقراطية والحوكمة :
° التوازن المجالي والإقليمي والوصول إلى بنية ترابية متوازنة مستدامة وقابلة للتأقلم مع جل الظروف.
° الإنصاف بين المناطق لتحقيق الأنصاف بين الأفراد وذلك من خلال الحد من الفوارق طبق خارطة طريق واضحة
° التضامن المواطني بين الجهات والمناطق والأوساط تبعا لمنطق الحق والواجب وليس الشفقة والرحمة فقط. هذا التضامن ينبع من المواطنة مما لا ينفي التنافس بين مختلف المناطق.
° الديمقراطية تستوجب تمثيل المناطق والديمقراطية الصحيحة تبدأ من الأسفل وتحتوي على ثلاث مستويات على الأقل لتمثل سلطا مضادة تمكن كل منها من تعديل زيغ السلط الأخرى. وبالإضافة إلى الديمقراطية التمثيلية يجب ووج مرحلة الديمقراطية التشاركية.
° الحوكمة تتطلب التشاركية في التصور والاختيارات والمتابعة والتنفيذ بين مختلف الأطراف الفاعلية من سلطة مركزية وسلطة محلية والجماعة الترابية والمواطنين. فالحوكمة تتمثل في جعل الجهة عنصرا فاعلا في القرار والتصور والمبادرة وليس فقط الاكتفاء بالحد من الفوارق أو بخلق مواطن الشغل أو أنشاء المرافق أو تلبية الحاجات الأساسية. هذه العملية تتطلب تشجيع الفاعلين المحليين وان لم يوجدوا فيتحتم خلقهم.
التنفيذ – التصرف – المتابعة
|
القرار- التصور
|
الاستشارة – الدراسات – الاسناد
|
الوالي
المعتمد
|
المجالس الجهوية المنتخبة
المجالس المحلية المنتخبة
|
الإدارة الجهوية – المصالح التقنية
الإدارة المحلية – المصالح التقنية
|
فالمطلوب إذن هو عكس المقاربة التنموية من خلال جعل التراب عنصر إنتاج و التركيز على الإمكانات عوض المعوقات لمختلف المناطق بالإضافة إلى جعل المواطن في قلب العملية التنموية عملا بالمقولة « كل ما ينجز لفائدتي دون تشريكي فهو ضدي » (Tout ce qui est sans moi est contre moi).
4 – الأسس
يمكن حوصلة الأسس التي ترتكز عليها التنمية الترابية المتوازنة في النقاط التالية:
1 – خلق وبعث الإقليم أو الجهة وهي منطقة تظم عدة ولايات تتميز بإشكالية محددة للتنمية وتأوي المشاريع الكبرى التي تتجاوز صلوحيات وحدود الولاية الواحدة (السدود الأقطاب التنموية…). وجل الديمقراطيات لها مستوى إقليمي.
والإقليم يتطلب : الحجم الأدنى – تنوع اقتصادي – عاصمة أو حاضرة – شبكة حضرية – اشكالية تنموية – سلطة ترابية – تمويل ذاتي.
إعادة القسيم الترابي بشكل يضمن الاندماج المجالي للقطر والتوازن الجهوي والقطع مع التقسيم الحالي مما يضمن التضامن والتنافس.
2- خلق صندوق للتنمية الجهوية
3 – بعث صندوق للتنمية المحلية
5 – تجميع المصالح الفنية في مستوى عواصم الأقاليم
6 – بعث بنوك وشركات جهوية للتنمية
7 – بعث جمعيات للتنمية من المجتمع المدني
8 – الإصلاح الجبائي في اتجاهين :
- عمودي : محلي – جهوي – وطني يتمثل في اسناد كل جهة نسبة معينة من الموارد لتمكينها من الاستقلالية المالية
- أفقي : بين أماكن خلق الثروة والأماكن المعدومة الموارد تبعا لمقاييس يقع الاتفاق عليها وذلك لضمان التضامن الوطني وأنصاف المناطق المحرومة إلى حد اليوم.
9 – تمكين كل المستويات الترابية من مجالس منتخبة ممثلة : البلدية – المعتمدية – الولاية – الإقليم – القطر.
التهيئة الترابية
تتمثل التهيئة الترابية في إعادة تنظيم المجال، في مختلف مستوياته، بشكل يستجيب أكثر لحاجيات المجتمع التونسي بمختلف شرائحه وفئاته ومنظماته وذلك تماشيا مع تطور المجتمع والتكنولوجيا ومتطلبات التنمية المستدامة وضغوطات الموارد والإمكانات والمحافظة على التوازنات العامة الترابية والقطاعية والاجتماعية.
يجب أن تتركز التهيئة الترابية على سياسة تدعم التماسك المجالي (Cohésion spatiale) بين مختلف المناطق والجهات داخل القطر وكذلك بين المناطق الحدودية للبلدان المغاربية ويعني ذلك توفر ركنين على الأقل : التضامن المجالي (Solidarité) والقرب المجالي (Proximité) كما هو الشأن بأوروبا حاليا في إطار مثال تهيئة المجال الأوروبي مما يتطلب بعث عدة صناديق مثل صندوق التنمية الإقليمية والصندوق الاجتماعي وصندوق التماسك المجالي.
فالتهيئة تتمثل في الوصول إلى التوزيع الأمثل للموارد والأنشطة والسكان والاستعمال الأنجع لعناصر الإنتاج في المكان والزمان الهدف من جهة وفك الانحباس لمختلف المناطق وربطها ببعضها البعض اعتمادا على مقتصدات القرب والارتباط من جهة ثانية بالإضافة إلى وضع أسس الحوكمة الترابية وآليات التنسيق بين القطاعات مما يمكن من التمفصل بين المستوي المركزي والجهوي والمحلي.
فالتهيئة الترابية، مهما كانت محدودة أو جزئية، تحدد بقدر كبير معالم المستقبل وتوجه الاستثمارات العمومية والخاصة وتسهم إلى حد كبير في تحديد ماهية التنمية الترابية بشكل عام والخطوط العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وذلك من خلال ضبط التوازنات العامة بين الجهات وتوزع المدن والتراتب بينها والخطوط العامة للاقتصاد المحلي والجهوي.
فالرهانات مصيرية واللحظة فارقة وحرجة، ستحدد معالم تونس الغد وبالتالي لا بد أن نعيرها كل الاهتمام حيث لا يمكن أن نحصرها في عملية تقنية بحتة بل تتعداها إلى مناسبة يتم فيها تحديد الاختيارات الكبرى في إطار وفاقي بين مختلف الفئات والشرائح والجهات تكون فيه مختلف الفئات شرعية وممثلة بصفة ديمقراطية. فالعملية تقتضي إعداد قانون توجيه ترابي (Loi d’orientation territoriale) يحدد معالم التراب التونسي المستقبلي ودور مختلف الأطراف الفاعلة والخطوط العامة للاختيارات الإستراتيجية.
يجب أن لا نعيد التجارب التي سبقت والتي تمثلت في الاكتفاء ببعض التوجهات في سنة 1973 التي جاءت في دراسة « المدن والتنمية » دون أن يكون لها أي صبغة رسمية وتطبيقية أو تلك التي وردت في المثال الوطني للتهيئة الترابية سنة 1985 في إطار الدولة الراعية وتدعيم التنمية الجهوية آنذاك حيث تم اعتماد التوازن الإقليمي كخيار للتهيئة الترابية يحد من الهجرة وتحافظ فيه كل منطقة على سكانها. لكن الأزمة التي اندلعت سنة 1985أدى إلى اعتماد برنامج الإصلاح الهيكليي سنة 1986 وأخيرا الدخول في الشراكة مع الاتحاد الأوروبي سنة 1996 يقع الإعداد لها لمدة 12 سنة انتهت سنة 2008 وتم خلالها إعادة هيكلة العديد من القطاعات.
في هذا الإطار تم التخلي من طرف الدولة على العديد من القطاعات، حتى تلك التي كانت تعتبر وإلى وقت قريب إستراتيجية، وتولت خصخصة العديد من المؤسسات وأصبحت تكتفي بالتصور والتشجيع والتحفيز حتى في ميادين حساسة كالتنمية الجهوية. إزاء هذه التحولات كان لزاما أن يقع إعداد مثال تهيئة جديد سنة 1996- 1998 اعتمد توجها نقيضا في أطار العولمة تمثل في تأهيل التراب التونسي للاستجابة إلى اندراج الاقتصاد التونسي في العولمة وذلك من خلال تأهيل الشريط الساحلي لذلك عن طريق الحواضر الجهوية والمناطق اللوجستية والمشاريع الكبرى المهيكلة والطرقات السيارة… أما المناطق الداخلية والتي تنعدم فيها الموارد فمآلها الهبة والإعانة عن طريق البرامج الاجتماعية لشد السكان وتحسين ظروف عيشهم؟
فالمسألة المجالية بما في ذلك التنمية الجهوية والمحلية والتهيئة الترابية مسألة سياسية بالأساس قبل أن تكون تقنية ويحق لها أن تطرح للنقاش العام في جل المنابر وأن توضع أسسها في الدستور القادم لكي لا تفقد الثورة التونسية أحد أركانها وأهم رهاناتها.
فالتنمية الترابية (محلية أو جهوية أو وطنية) ترتكز على الركائز التالية : المعرفة الحقيقية للميدان – الحوكمة الترابية – الهيكلة المؤسساتية – الهيكلة المالية والجبائية.
Affiche de la manifestation
Laisser un commentaire